تتناسل الأيام في تكرارها ولا يشعر بمرورها احد.. ثم يأتي (يوم الحب) مختالا بأجنحته الوردية ويرفرف فوق الحياة ليمنحها أجمل معنى في الوجود.. في هذا اليوم يخرج العشاق في أسراب جماعية ويهتفون باسم الانعتاق من اليأس والندم والانتظار.. يحمل الرجل وردة مقطوفة من قلبه الخفاق ويقدمها لمن يحب.. وتضع المرأة قلبها في طبق من الصفاء الخالص وترفعه عاليا وهي تغني للذي سكن في عينيها وامتلك نواصي الروح.. وحين يلتقيان في منتصف الروعة تبتسم الأرض للسماء وتعزف البجعات لحنها الأبيض فوق بحيرات الأمل، وينزل الملاك ليحتفي بانتصار النقاء الإنساني.
في يوم الحب، ينحشر الزمان كله في (لحظة الأبد)، اللحظة التي نريد لها ان تكون خالدة ومستمرة.. حيث تتفتح المعاني الجميلة مثل زهور اللوتس، ويشع من القلوب المحبة برق الحنان، وترتوي الأرض من مطر النور الذي يكنس شقاء البشر ويطهرهم من الانتظار المر على أبواب العشق حيث يذبل العمر ولا يفوزون بنظرة.. ولا يكتمل في أحلامهم قمر العناق.. ولكنهم باسم الحب يعيدون تأثيث الدنيا بالعذوبة ويجعلون الأغنيات تصدح في الكون كله.
في يوم الحب، يجلس الحكيم على صخرة الخلاص ويقول:
بداية الحكمة ان تذوب كلك في المعاني البيضاء
ان تحمل شعلة القلب لتضيئ بها ليل المرايا
هكذا سترى وجه من تحب مبتسما بانتظارك
ومعه ستبدأ باكتشاف نفسك أولا
ستحررك العواطف الصادقة من قسوة الارتباك
وسترفرف روحك أعلى من نجمة المستحيل
في يوم الحب، يخرج المجانين من كتب المنطق ويفرشون البحر بالورد والشموع.. ثم يقلدهم الأطباء حين يكتشفون ان جرعة صغيرة من الحب تكفي لعلاج البشر جميعا.. وفي اقاصي الأرض وراء الجبال، تهدأ الوحوش ويخفت زئيرها عندما تعبر بينهم نسمة المحبة.. ثم يصرخ الرجل البدائي قائلا: يوم الحب هو يوم الجنون الأعظم.. يوم خروج الناس من أجسادهم الضيقة الى متعة الرقص مع الألوان والشمس.. كل مجنون اليوم عليه ان يقفز عاليا لخطف النجوم وجعلها قلادة للقمر.. ثم تصرخ المرأة البدائية وتقول: الحب شجرة وكلانا النبع ياحبيبي.. هيا لنروي الطبيعة بالشوق كي تزهر الحياة وتصير الأرض أصفى وأنعم.
الحب جرس يدق أزليا في سكون الكون
اسمعيه وكأنه صوتي
اقتربي ولا تخافي اذا تصاعد نبض القلب
اليوم ينسكب الحبر الأبيض على ظلام المعاني
وتزول الشروط من الدفاتر والواجبات
ولا يبقى في صفحة الحقيقة
سوى الاسم الذي تكتبينه بماء الروح
وياليته اسمي.