غدا ستشرق الشمس

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

أسعد الله أوقاتكم .. ودمتم بصحة وعافية .. وبدون مقدمات

كنا في أمان وحدث ما لم يكن بالحسبان .. فقد كنا نعيش مجتمع

صغير متماسك متداخل العائلات كأننا جسد واحد إذا اشتكى منا عضو

تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر .. وذات ليلة تلبدت الغيوم بالسماء

وما لبثت إلا أن غزرت المياه وغطت سطح الأرض ثم رعد فعاصفة هوجاء زادت

من هطول المطر إلى أن دمر كل شيء فغرقت البلدة فهرع إليها من يحاول

مد يد العون والمساعدة فأنقذ من أنقذ من السكان أطفال ونساء وبقية

الرجال وأبعدوا عن أماكن الخطر بعد أن فقد من فقد .. حيث لم يتبقى

مع الأحياء سوى ملابسهم التي إبتلت بالمياه وغطاها الوحل

وتم جمعهم بمكان خاص بالكوارث هوعبارة عن خيمة

إستوعبت عددهم حيث أعطي كل منهم بطانية وقرصين

من الخبز والإدام المعلب وبعد أن غطاهم الظلام فلم يكن بخلد أي منهم التلذذ

بالمنام من فقد رفيق أو صديق أو قريب إضافة لما يملكون من ستر العيش والمنزل

والأرض التي لا زالت تفوح رائحتها ويميزونها من بين كل الروائح . فهناك من يهمس

من تحت غطائه بكلمات مختلطة بالعبرة والحسرة على خم الدجاج الذي كان بداخله دجاجة

مع صيصانها ودجاجتين بياضتين ، وهناك من يتمتم بكلمات عن مصير سخلتين ولدتا حديثا

بزريبة لوحدهما لم يتم إرضاعهما وأمهما بزريبة بعيدة عنهما ، وذاك يندب كوم قمح لم يغطيه

بمكان الدرس قبل نزول المطر ، وهناك طفلة تبكي بحرقة بدون سبب لأنها غير قادرة على

التعبير عن مصابها سوى بمواصلة البكاء لتوصل إحساسها ، والغريب أيضا أن هناك من يبكي

لفقد صحون وقدر الطبخ التي إقتناها بصعوبة .. وصارت تلك التمتمات والهمسات

قاطعة لليل الطويل وصار يردد كل منهم .. فجرا سيظهر الضوء ، وسنرى ما حل بنا

وماذا سنفعل من أجلنا .. ولن نستمر بهذه الخيمة الكئيبة عديمة الضوء

والدفء .. وهناك من يردد ويقول غدا ستشرق الشمس ..

أرجو لكم دوام الصحة والعافية ..