مؤامرات الذئب والثعلب
-----------------------
منذ أن هبط الإنسان فوق سطح الأرض وجد أمامه كائناتٍ لابد وأن يتعامل معها ، وكانت الكائناتُ البرية المتمثلة فى عالم الحيوان هى الأقرب فى الإحتكاك والتفاعل ، وبدأ الصراع وبدأت المؤامرات وبدأ الرجل مرحلة الصيد وبدأ الفن ينتشر من خلال التسجيل بالرسم فوق الأرض والنحت فى الصخور، ليحاكىتلك التفاعلات التى كانت غالباً تنتهىبانتصار الإنسان على الحيوان .
وبدأ الرجل يحكى انتصاراته والزُّمرة - عددٌ يقترب من العشرة أفراد - تتمجد بتلك الإنتصارات وتحاكى الزُّمَر الأخرى بها .
ثم بدأالإنسان يقلد أصوات الحيوانات ويحاكيها ، بل واستطاع أن يستأنس الأليف منها والمتوحش فى بعض الأحيان ، وبدأ الرجل يحكى لزمرته عن رحلة صيده وحديثه مع الحيوان ، ثم بدأ يقيم معادلاً موضوعياً لعالم الحيوان يتوازى مع عالم الإنسان ، وبدأ الإنسان يعرف سمات بعض الحيوانات ويصف من يتصف بتلك الصفات من الإنسان بهذا الحيوان ، بل ويطلق عليه اسم الحيوان ، فهذا ثعلب وهذا ذئب وذاك كلب والآخر نمر .... الخ .
وظلت البشرية فى مسيرتها تصنع التاريخ وتحاكى عالم البر والبحر والهواء حتى ترك لنا الأدب والفن ذخائر كثيرة عن تلك العوالم جاء معظمها على سبيل الفانتازيا التى تقدم دراما عالم الحيوان - كنموذج - كمعادل موضوعى لعالم الإنسان .
وكما أشرت بدأ ذلك بالرسم فوق الأرض والرمال والنحت فى الصخور والخشب ... الخ ، وبعد الكتابة بدأ يتم تدوين الحَكايا فيما يخص هذه العوالم ، وترك لنا الأولون الكثير من تلك الفانتازيا والتى جاءت - على سبيل المثال وليس الحصر - فى السيرة الشعبية " سيف بن ذى يزن " و" الأميرة ذات الهمة " و " عنترة بن شداد " ...... الخ ، كما جاءت لنا أيضاً فى الدراما العنكبوتية " ألف ليلة وليلة " وفى أم الكتب " كليلة ودمنة " وفى الكثير من الكتب الصينية والهندية ثم انتقلَت إلى الغرب من خلال " لافونتين " الفرنسى حتى وصلت فى امريكا إلى عالم " ديزنى "
هكذا أقام الإنسان مُعَادِلاً موضوعيا لعالم الحيوان - على سبيل الفانتازيا - يتوازى مع عالم الإنسان يستطيع من خلاله أن يقيم إسقاطاً لعالم الحيوان على عالم الإنسان .
كلنا يعرف الكثير عن مؤامرات الثعلب والذئب
لكنى هنا سوف أتكلم عن مؤامرةٍ قد تبدو جديدة تماماً حتى على عالم " كليلة ودمنة " وقد جئت بها ليس على سبيل الحكى - وإلا كنت قد وضعتها فى قاعة القصص - لكنى جئت بها هنا لأن هذه المؤامرة فيها مايستحق ويستوجب المناقشة .
مؤامرة الذئب والثعلب
---------------------
الذئب وقد قام من نومه يتمطع وينفض عن جلده السميك ماتبفى من غبار الغابة الإفريقية التى يكرهها تماماً ويكره كل من فيها ، وهو الآن يتمتع بالبرودة وأكل السمك المُعلب ورائحة البارفان فى وطنه الجديد ، واستهوته الأفكار المُعلبة وإناث نوعه المُعلبة حتى التف حوله الجميع ، يميزونه
ويمسحون عنه بكاءه المذيف ويضحكون لضحكه الكاذب ، فلقد أصبح الأمير ومايقوله لابد أن يصير .
ومن سمات الحماقة أن الذئب دمه خفيف وشكله ظريف ، وسيم كالناقة ، وتقفز من رأسه البلهاء حداقة .
أما الثعلب فأشد من الذئب ضراوه ، وشكله آخر حلاوه وبيعشق التمثيل ، ماتقولش فاطمة رشدى ولا سناء جميل ، أحمق أرعن سليط اللسان ترك الغابة الأفريقية ربما للحاجة ، أو النسيان ، او ربما سعيا وراء عطور البارفان كى يغطى بها رائحته الكريهة ، ويستطيع أن ينام .
الذئب والثعلب صاحبان ، اشتركا فى إقامة مشروع يختص بصناعة الأفلام وراحا من خلاله ينبذان الغابة الإفريقية وكل من فيها من الآنام .
الذئب أمير والثعلب غفير يحمى الذئب فى كل أمرٍ خطير ، هكذا ارتضى كل منهما لنفسه هذا السرير
كل صباح يقول الذئب لثعلبه : عمت صباحاً يا أبا لهب
ويرد عليه الثعلب : عمت صباحا ياأبا جهل
ولأن العالم البارد فى تقدم وثبات ، كان الذئب والثعلب يصنعان الأفلام ليلاً من خلال الشات
هكذا كانا يدبران المؤامرات تحت شعارعمت مساءا يا أبا لهب ، عمت مساءا يا أبا جهل .
وكلما شدهما الشوق كان الثعلب يسأل مافاتش عليكوا الديب الديب السحلاوى ؟
وترد الرعية فات فات وفى ديله سبع لفات .
والزمن فات والديب فات والتعلب فات ، هكذا استمر الحال على صفحات الشات
والإثنان يتبادلان أخبار الرعية ولا بأس أن يكون ذلك بطرقٍ غير شرعية
ومرت الأيام والأمير فى زهوه يطير، والغفير يتحمل حماقة أبى جهل ، يدافع عنه ويقوم بعمل المشاوير .
وهنا قرر الثعلب أن يتآمر للمرة الأولى على الذئب
- طبعا دى مؤامرة على سبيل الفانتازيا لأنه فى الحقيقة الذئب والثعلب أحباب بس هيا فعلا مؤامرة تحتاج إلى نقاش -
راح الثعلب يشحذ ذهنه الرضيع
حتى قرر أن يحفر حفرة فى طريق الذئب ليقع فيها وعندها يتخلص الثعلب من ذئبه الوضيع
ولأن الذئب من طبيعة عمله الإختراق والإلتفاف والإنزلاق والإنسحاق والملاينة والمهادنة ولأن من طبيعته الحماقة المغلقة بالحداقة وقع فى حفرة ثعلبه
جاء الثعلب مسرعاً ينظر ويرد عليه فى لباقة : مابك ياذئب ؟
الحقنى ياتعلب عملوها الوحشين كنت فين اما حفروها يا اسود الراس ؟
ضحك الثعلب فى سخرية وقد راح يرقص فى حماس
وقال لذئبه المحتاس : أتسألنى ياخناس ؟!!!!!!!
اندهش الذئب لما سمع كلام ثعلبه وقال له لا أصدق أأنت من فعلتها ياثعلب الأنجاس ؟
استمر الثعلب فى رقصه كالمخمور
وراح يلف حول الحفرة ويدور
ثم أخذ يغنى وهو يقول : فعلتها فعلتها فى الذئب قد فعلتها
وفى نفس البير وقَّعنا كتير
ولا انت نسيت ؟ معقول يا امير ؟!!!!!!
يومك ياحقير
تنزل فى البير
وارتاح منك ومن المشاوير
فعلتها فعلتها فى الذئب قد فعلتها
ومن كثرة اللف والدوران التف ذيل الثعلب على قدمه سبع لفات
فانزلق واقعا فى الحفرة جنبا إلى جنب مع ذئبه الخناس
فلما رآه الذئب بانت اسنانه البيضاء
وقال له أنا خناس ياثعلب الأنجاس
من أين آكلك كما أكلت الكثير قبلك من المُعلبات
قال الثعلب لذئبه : مهلا أنسيت ؟ أنا من علمك حرية الإباحات
قال الذئب : بل أنا من وضع القوانين لجمعية الأفلام
وكرهتُ وعلمتك أن تكره الغابة الإفريقية وكل من فيها من الآنام
وعلمتك الخيانة أتخوننى الآن ؟
قال الثعلب بدهاء : لا سبيل للخروج مما نحن فيه الآن غير حكمة الحيوان
إن أكلتنى لن تخرج من حفرتك ، اهدأ ياذئب ودعنى أفكر لك كيف نخرج
مما فعلناه بأنفسنا ، وعهد كلانا ألا يزعج أى منا الآخر ولا يخون
نظر الذئب إلى ثعلبه وراح يفكر فيما يقول وعرف أن ليس أمامه غير الإمتثال
ولا سبيل للإنقاذ غير حكمة الحيوان
ثم انتفض مبينا وسامة الناقة
وبانت فى وجهه الحماقة
وقال : تعدنى ياثعلب ألا مؤامرة
قال الثعلب : أعدك يا أمير ألا مؤامرة
قال الذئب : وما فكرتك ؟
عجل ياقميئة
بخطة تنقدنا من مؤامرتك البذيئة
راح الثعلب يلتف ويلتف وفجأة : وجدتها وجدتها
الذئب : ماذا وجدت ؟ أنثى معلبة ؟
الثعلب : ألا يستهويك غير الإناث ؟ اسمع أيها الخناس
بحكم انك الأمير ، قوى ومتين وفى ملامحك الحداقة - كان الذئب ينتعش من إطراء الثعلب له - تحملنى فوق كتفك فأقترب من اعلى الحفرة أصعد ثم أخرج ثم آتى بحبل أمده لك فتصعد أنت الآخر ووعدٌ ألا نخون ولا مؤامرة .
راح الذئب يفكرفى قول الثعلب وهو مرتاب
لكنه وجد ان ليس أمامه غير استخدام حكمة الحيوان وبعد أن يخرجان لا بأس أن ينفض عن جسمه مالحق به من تراب .
الذئب : اصعد ياثعلبى الجميل
الثعلب : ترفق بى ياذئبى الأمير
صعد الثعلب إلى خارج الحفرة ، انتظر الذئب الحبل ، طال الإنتظار
الذى كسرت آفاقه ضحكات الثعلب الغدار
الذئب : أين الحبل ياثعلبى الجميل لما الإنتظار ؟ جعلتنى على نار
الثعلب : وهل صدَّق الذئب ثعلبه الغدار
علمتنى الإختراق والإلتفاف والإنسحاق وخيانة الأغيار
مصيرك الحفرة والنار
الذئب : كنتَ هكذا قبل أن أراك
إن لحقت بك لن تنقذك منى رائحتك الكريهة ياأفاق
كان الثعلب يرقص فى زهوٍ ويحلم بعالم من صُنعه يلتقى فيه بذئب آخر وآخر وآخر
ويبحر فى عالم الأفلام ، حتى أخذه الحلم ونشوة الإحساس بالقدرة والإنتصار فالتف ذيله حول رقبته سبع لفات
فانزلق فى الحفرة مرة أخرى ولم يفق إلا على صوت ذئبه : الثعلب فات فات
نظر كلاهما فى عين الآخر وضاع الكلام
وكل يرى فى عين صاحبه الخيانة والاوهام
وراح الذئب يفكر ، هل آكله ؟
وإن فعلت كيف السبيل إلى الخروج من هذه الحفرة الغابرة
وكيف أأمن له حتى بحيلة أخرى من حيله الماكرة
والثعلب أيضاً راح يفكر ما العمل لن تصلح الحيل ولا حكمة الحيوان
الذئب أبدا لن يمنحنى الأمان .
الأعضاء الكرام
مأزق عجيب
والخروج منه يحتاج ربما إلى طبيب
تُرى كيف الخروج من هذا المأزق ؟
هل تصلُح المؤامرة ؟!!!!!!!!!!!!!!
وماذا تصنع المؤامرات فيما بين الناس وكذلك الشعوب ؟
وهل تنجح المؤامرات دائماً ؟
وكيف التصدى لها ؟
هل احتلال فلسطين مؤامرة ؟
هل احتلال افغانستان والعراق مؤامرة ؟
أسئلة كثيرة ربما لا أستطيع أن احصى الكثير منها الآن
الموضوع مفتوح للنقاش